أشدُّ من الماء حزناً
|
تغربت في دهشة الموت عن هذه اليابسه
|
أشدُّ من الماء حزناً
|
وأعتى من الريح توقاً إلى لحظة ناعسه
|
وحيداً. ومزدحما بالملايين،
|
خلف شبابيكها الدامسه..
|
*
|
تغرٌبت منك. لتمكث في الأرض.
|
أنت ستمكث
|
(لم ينفع الناس.. لم تنفع الأرض)
|
لكن ستمكث أنت،
|
ولا شيء في الأرض، لاشيء فيها سواك،
|
وما ظل من شظف الوقت،
|
بعد انحسار مواسمها البائسه..
|
*
|
ولدت ومهدك أرض الديانات،
|
مهد الديانات أرضك،
|
مهدك. لحدك.
|
لكن ستمكث في الأرض. تلفحك الريح طلعا
|
علي شجر الله. روحك يسكن طيرا
|
يهاجر صيفا ليرجع قبل الشتاء بموتي جديدي..
|
وتعطيك قنبلة الغاز إيقاع رقصتك القادمه
|
لتنهض في اللحظة الحاسمه
|
أشد من الماء حزنا
|
وأقوى من الخاتمه..
|
*
|
لك المنشدون القدامى. لك البيد. لاسمك
|
سر الفتوحات. لاسمك جمر الهواجس تحت
|
الرماد.. وأنت افتتحت العصور الحديثة بالحلم.
|
كابدت علم النجوم وفن الحدائق
|
وأتقنت فقه الحرائق
|
وداعبت موتك: حرى جهاز التنفس،
|
للدورة الدموية ماتشتهي.
|
وأيقنت أنك بدء.. ولا ينتهي
|
ولاينتهي.. ويضيق عليك الخناق ولاينتهي
|
وتتٌسع الثغرات الجديدة في السقف
|
جدران بيتك تحفظ عن ظهر قلب
|
وجوه القذائف
|
وأنت بباب المشيئة واقف
|
وصوتك نازف. وصمتك نازف
|
تلم الرصاص من الصور العائليه
|
وتتبع مسرى الصواريخ في لحم أشيائك المنزليه
|
وتحصي ثقوب شظايا القنابل
|
في جسد الطفلة النائمه
|
وتلثم شمع أصابعهما الناعمه
|
على طرف النعش،
|
كيف تصوغ جنون المراثي؟
|
وكيف تلم مواعيد قتلاك في طرق الوطن الغائمه؟
|
وتحضن جثة طفلتك النائمه؟
|
*
|
أشد من الماء حزنا
|
وأوضح من شمس تموز. لكنٌ نضج السنابل
|
يختار ميعاده بعد عقم الفصول.
|
إذن فالتمس في وكالة غوثك شيئا من الخبز.
|
وانس الإدام قليلا.. تحر التقاويم: يوما فيوما.
|
وشهرا فشهرا. وعاما فعاما. تحر المناخ المفاجيء،
|
قبل انفجار ندائك. أنت المنادي وأنت المنادي
|
وأنت اشتعلت. انطفأت.. ابتدأت.
|
انكفأت.. وأنت اكتشفت البلاد.. وأنت
|
فقدت البلادا!
|
أشد من الماء حزنا.
|
*
|
يؤجٌلك الموت . تمسح جسمك بالزيت كاهنة
|
كرٌستٍها العصور لأجلك أنت. لأجلك تولد
|
في البحر والبر عاصفة لا تسمى
|
وتزحف في جسد الأرض حمى
|
لينهض فيك كسيحاً. ويبصر أعمي
|
وحولك ما خلق الله من كائنات غرائب
|
ومن يصنعون العجائب
|
لهم ٍ قصب السبق دون سباقي. لهم ما تتيح المقاعد
|
للمقعدين. لهم جنة رحبة في الزحام الفقير وفي ورد
|
مستنقعات الأزقٌة. تحت صفيح الأنيميا وبين
|
خيام التخلف والجهل. في رقة القمع. هم نخبة
|
الرق. أسياد زوجاتهم في المحافل. زوجات أسيادهم
|
في القرار الصغير الصغير
|
لهم ما يتيح الجلوس المدرب. ساقا علي الساق.
|
كفا علي الخد. تحت حزام المدير
|
وتحت حذاء معالي الوزير
|
لهم قوتهم دون كد. وميراثهم دون جد وجد.
|
لهم أن يكونوا العقارب في القيظ،
|
أو أن يكونوا الأرانب في الزمهرير.
|
لهم زغب القاصرات وريش النعام الوثير
|
وأوقاتهم من حديد. وأعباؤهم من حرير
|
وأنت على ملتقى الليل بالفجر. والبحر بالبر
|
والجهر بالسر. تقتح باب السؤال الكبير
|
وتغلق باب الجواب الأخير
|
أشد من الماء حزنا
|
أشد من الماء والرمل حزنا.
|
*
|
تصلي كثيرا
|
تصلي طويلا
|
تصلي
|
وفي موعد النجمة الضائعه
|
يضيع نداء المؤذن في جلبة السير،
|
يعلق غيم الدخان بجلبابه. ويعود إلي البيت،
|
مختنقا. حانقا من زحام الخلائق. تحتج
|
زوجته الرابعه
|
'غسلت ثيابك فجرا. وها أنت ترجع
|
متسخا بالسناج.. ترفق قليلا. ترفق
|
بخادمة المنزل الطائعه'!
|
تصلٌي
|
ويسقط رأس الموظف فوق ملفاته ميتا.
|
خانه قلبه. والمرتٌب خان العيال. وخان
|
المدير الأمانه
|
وخانت جيوب الرئيس جيوب الخيانه
|
ودارت. ودارت.. ودارت على نفسها الأسطوانه
|
تنح إذن. أو تفجر كما ينبغي. لا صراط هناك
|
ولا مستقيم هنا.. شاهدى أنت.. لكنٍ لمن سوف
|
تشهد؟ أية محكمة لم تطأها الرشاوي؟ وأي
|
القضاة البريء؟
|
تنح تفجر. تنح. تفجر. تفجر. لعل انفجارا
|
يضيء
|
وكل انطفاء مسيء مسيء
|
وكل سكوتي كلامى بذيء!
|
*
|
هنا أنت. حولك هذا الجدار الكثيف
|
وهذا الهمود الكفيف وهذا الخمود المخيف
|
وحول جنونك تقعي الملايين حول الملايين.
|
فوق الملايين. تحت الملايين. تمضي إلي الذبح. قطعان ماعز
|
وتولد للذبح قطعان ماعز
|
ويعلو بكاء الرجال الرجال،
|
ويوغل صمت النساء النساء
|
وفوق صراخ القبور وتحت أنين العجائز
|
شعوب مسمنة للولائم في العيد
|
من عاش يخسر سر الحياة
|
ومن مات بات علي الموت حرا وحيا
|
وما كان بالأمس عارا محالا
|
هو اليوم شأن صغير وجائز
|
فحاذر. وحاذر
|
زمانك وغدى وغادر
|
تنح. وغادر
|
'إلي حيث ألقت..'
|
فلا الأهل أهلى. ولا الدار دارى. ولا أنت أنت..
|
وما من أواصر
|
تدور عليك الدوائر
|
عليك تدور الدوائر
|
وما من بشير ولا من بشائر
|
تنح. وغادر
|
'إلى حيث ألقت..'
|
أشد من الماء حزنا.
|
*
|
يطول ارتباك المؤرخ في الدغل. أقنعة
|
تستبيح أدق التفاصيل. فوضى تحيل
|
طقوسا مرتبة للصدف
|
وبضع ضباع تحيط بمائدة الطيبات
|
مناديلها البيض تحضن أعناقها المشعرات.
|
ضباع تمد سكاكينها وتشرع شوكاتها للطعام الشهي.
|
وقد أتخمتها بقايا الجيف
|
ضباع. ضيوف الشرف
|
ضباع. لماذا أواني الخزف؟
|
وهذا الترف؟
|
لماذا؟
|
*
|
وتعقد محكمة العدل ظلما. على باب محكمة الأمن غدرا
|
سواسية أنت والماثلون أمام القضاء بتهمتك
|
الأزلية. أنت وجلادك الأزلي سواسية.
|
عند محكمة العدل والأمن. يغفي القضاة على ريش
|
رشواتهم. ومحامي الدفاع شريك محامي النيابة
|
في صفقات السياحة والنقل. فانس الشهود.
|
شهادتهم لا تجوز. هم الصم والبكم والخرس. أقوالهم
|
لا تقال. شهادتهم لا تجوز
|
فكيف تفوز؟ وذنبك باسم العدالة واضح
|
وجرم العدالة دونك.. فاضح
|
فكيف تفوز؟ وكيف تفوز
|
ومن سيفك الرموز؟
|
*
|
جباه مبقعة بالسجود القديم لفرعون واللات
|
لا للإله الذي أنت تعبد! لا تصغ للقول: إن البلاد العراق
|
وإن العراق
|
بلاد النفاق
|
مياه المحيط نفاق ورمل الصحاري نفاق
|
وماء الخليج نفاق. ونفط العروق النفاق
|
وزرع البلاد وضرع البلاد
|
لماذا؟ لماذا العراق
|
وانت ونخل العراق
|
أشد من الماء حزنا
|
أشد من الماء والرمل حزنا
|
أشد من الماء والرمل والنخل حزنا.
|
*
|
من الماء كانت هموم السحاب
|
ومن سمك القرش كانت هموم 'قريش'
|
وكنت من الماء أنت
|
ومن سمك القرش كنت
|
تمهل قليلا. تمهل كثيرا. تمهل
|
همومك أولها ما احتملت
|
وآخرها ما جهلت
|
تمهل.
|
*
|
ومن أرض بابل تمضي إلى أرض بابل
|
وحيدا تشيد أبراج حزنك في برج بابل
|
وتخرج منك القبائل
|
وتعبر فيك القوافل
|
محملة باليتامى.. ومثقلة بالأرامل
|
وحيدا بعريك تحت السماء البعيده
|
وحيدا. كثير الأبوات،
|
لكنٍ لأم وحيده
|
لهاجر ضائعة في الرمال
|
مشردة عن حقول السنابل
|
ونبض الجداول
|
أشد من الماء والرمل حزنا.
|
*
|
على ظهرك الآن ترقد. بين الحياة القليلةً
|
والموت يأسا.
|
يطلٌ من السقف 'فاوست' القديم. ويسخر منك.
|
'تبيع كما شئت. أولا تبيع كما شاء شيطانك الذهبي.
|
وفرصتك الذهبية.. لا.. لن تكون الأخيرة.
|
سوق هي الأرض والناس لا تشتري أو تبيع
|
سوى سقط أرواحها.. ولديها شياطينها المنتقاة
|
علي كيفها!'.. ويقهقه 'فاوست' الخبيث.
|
يقهقه مزدريا ما تحب ومحتقرا ما تخاف
|
ومستمتعا بانهيار الضعاف
|
ومنتظرا خصب أيامه المقبلات علي عربات الجفاف
|
وأنت علي ظهرك الآن.. ما بين بين
|
من الأين توغل في ألف أين
|
*
|
وها أنت خلف الزجاج المصفح. مقهاك سيارة
|
الليموزين الوحيدة. سافر إذن في عروقك.
|
واتبع دخان سجائرك الفاخره
|
ولا تتبع الطرق الظاهره
|
قناع وراء قناع
|
تحاصر أوجه أحوالك الخاسره
|
وأسراب نمل تحاصر
|
أشجارك الخاسره
|
وأحلامك الخاسره
|
وليل سميك يحاصر أقمارك الخاسره
|
وأيامك الخاسره
|
وحزن أشد من الليل ليلا
|
يحاصر قهوتك الفاتره
|
وأنت.. أشد من النمل حزنا
|
أشد من الليل حزنا
|
أشد من الماء والحزن حزنا..
|
*
|
لغيرك أن يتلهى بسخف التفاصيل.. حسبك أنت اكتمال
|
الفجيعة. جيماً من الجهل.. جيماً من الجبن. جيماً
|
من الجوع. تختصر الأبجديه
|
وتهوي النيازك في ساحة البيتً. تحفر في مسكب الورد
|
قبرا. وتهتز جدران بيتك خوفا. وتحضن ما
|
ظل من صور عائليه
|
وما ظل من قسمات الهويه
|
لغيرك ما يتراءى على شرفة الأكاديميا ومختبر البحث
|
والمقعد الجامعي الوثير
|
وتبقى أخيرا. مع اللحظات الأخيرة. من بعض عمر قصير
|
أمام التفاصيل. خلف التفاصيل.. تبقي أخيرا وتبقي
|
بعيدا،
|
ويبقي..
|
ملاك مريض يلوب علي سطح بيتك. من وسلوي على نار سيناء. هذا الشٌواء اللذيذ امتحانك. فامضغ
|
إذا شئت زهدك. وانس القرابين. كل عرائسك
|
الفاتناتً طعامى لأسماك قرش. فلا النيل يطلب
|
لحم العذاري. ولا الخصب رهن ابتهالاتك الخاويه
|
هنا حجر الزاويه
|
وأنت تلوب ملاكا مريضا على باب شعبك
|
والريح باردة قاسيه
|
ولا كلب ينبح
|
لا باب يفتح
|
لا إنس. لا جن. القلب يمنح راحة رحمته الحانيه
|
وأنت غريب هنا. ووحيد هناك
|
أشد من الماء حزنا.
|
*
|
تفقد مع البرق أطراف جسمك. وانهضٍ.. عسيرى نهوض
|
البراكين بعد الخمود الممل.. عسيرى نهوض الضحايا
|
ولا تنتظر جسدا في خداع المرايا
|
ووهم المرايا
|
تفقد شرايين قلبك
|
وأرجاء رعبك
|
وحطم سراب المرايا
|
وغادر مع البرق أطلال حبك
|
حزينا. حزينا. أشد من الحزن حزنا.
|
*
|
لك الثائرون علي ساعة لاتدور. لك الشهداء.
|
احترس من هواة الكلام المنمق. حاذر
|
مراثي الصياغات بالضوء والصوت واللون.
|
حاذر طقوس البلاغة رقصا علي الدم. أنت تغربت
|
عن جوقة السيرك. لم يغوك السير فوق الحبال
|
ولا قفزة البهلوان
|
وأنت تغرب فيك الزمان
|
وأنت تغرب عنك المكان
|
وآب الطغاة
|
وغاب الحواة
|
لتمكث وحدك في ساحة الأفعوان
|
مليكا بلا صولجان
|
وطفلا.. ولا والدان
|
وحيدا.. غريبا.. حزينا
|
أشد من الماء حزنا.
|
*
|
لًمن علب الأدويه؟
|
لمنٍ سترة الصوف والأغطيه؟
|
لمنٍ هاتف الأمبولانس؟ وعنوان عائلة
|
الصيدلي المناوب؟ أنت تناور نأي
|
المدي ودنو الأجل!
|
لماذا؟ وكيف؟ وأين؟ وهل!
|
دع الأحجيه
|
وأسئلة القلق المزريه
|
فما أبدى في أزل
|
وألف نبي وصل
|
وقبلك ألف نبي رحل
|
أشد من الماء حزنا
|
أشد من الحزن حزنا
|
أشد من الموت حزنا.
|
ہ
|
فراشة روحك تخفق مبهورة بالرحيقي الشهي
|
علي فمك الأرجواني.. سيارة تسبق الضوء
|
في الشارع العام. تضرب عصفورة. يتناثر
|
في الريح ريش الأغاني القديمةً. فيلم قديم
|
على شاشة التلفزيون. 'فاتن' تخفق مثل
|
الفراشة بين ذراعي 'فريد' وأنت مريض
|
بما يحدث الآن.. أنت مريض. فراشة روحك
|
تخفق. رفٌ العصافير يخفق. قلبك مازال
|
يخفق. ما يحدث الآن موتى سريع يمر ببطء.
|
وقلبك يخفق بين العصافير والريح. ما يحدث الآن
|
لا يحدث الآن. عرض جديد لفيلمي قديم على شاشة
|
القلب. يعرض قبل حليب فطورك. فيلم قديم. وأنت
|
مريض. وأنت حزين
|
أشد من الماء حزنا.
|
*
|
تبوح لفرشاة أسنانك المرهقه
|
بأسرار عزلتك المطبقه
|
وتكتب بالمشط شيئا علي صفحات البخار.
|
تراك تدون فوق المرايا وصيتك المقلقه؟
|
أتغسل جسمك أم أنت تغسل روحك؟
|
حمامك اليوم طقس غريب. وروبك
|
يلقي عليك بنظرته المشفقه
|
وتزلق بين الأصابع صابونه اليأس.. ينهمر
|
الماء دون انقطاع علي ظهرك المنحني بالهموم
|
وتطبق جدران حمامك الضيقه
|
أتغسل جسمك. أم أنت تغسل روحك؟
|
وتفتح فيها جروحك
|
وترسم في رغوة الموت عمرا يضيق،
|
وترسم فوق البخار ضريحك؟
|
وينهمر الماء دون انقطاعي.
|
وأنت. أشد من الماء حزنا.
|
*
|
أتعرف؟ أخطأت حين قرأت الحياة بحبك
|
وأخطأت حين رأيت الوجود بقلبك
|
ولا. لا تقل لي 'البصيرة'. للمرء عينان
|
والقلب واحد
|
فكيف تجيد حساب المواجد؟
|
وكيف تحب كما ينبغي أن تحب؟ ومن لا يري يتعثر
|
في تعتعات الرؤى وشعاب المقاصد
|
فجاهد. كما ينبغي أن تجاهد!
|
تأمٌل بعينين مفتوحتين وقلبي بصير.
|
تأمٌلٍ. وكابًدٍ!
|
كما ينبغي. لا تكرر حماقة! 'سيزيف'. قف
|
في أعالي العذاب. تأمل. وراجع
|
وطالع. وتابع.
|
وشاهد!
|
وصارع.
|
حزينا. قويا كصمت المعابد
|
حزينا. أشد من الماء حزنا.
|
على الدرج اللولبيٌ غبار يغطي الرخام
|
المؤدي إلي باحة البرج. صمت الغبار
|
الكثيف دليل: هنا غربة الروح عن جسمها.
|
لم تطأ قدم من زماني بعيد مداخل هذا المكان
|
البعيد
|
ويا أيهذا المليك السعيد
|
لبؤسك آثار طيري علي قمة البرج. كيف
|
تقمصت هذا الغراب الوحيد؟
|
وها أنت يا أيهذا الغراب الوحيد الوحيد
|
سرقت لمنقارك الكهل تفاحة من غبار
|
وأنثاك ترقد في قرنة من صدوع الجدار
|
تئن معذبة والهه
|
وتشكو لقرنتها التافهه
|
وما من عطوري. ولا من بخوري. ولا فاكهه
|
وهذا الغبار
|
يقيم الظلام
|
دليلا: هنا غربة الروح عن جسمها
|
ومرساك ليلا علي صخرة في خليج الزمان
|
ومرسي الطلول على وشمها
|
أشد من الماء حزنا
|
ومن وحشةً السنديان..
|
*
|
ويروي الرواة: نشرت قميصك شمسا علي القطب
|
راقبت ذعر الثعالب والفقمات. ورعبك
|
في حضرة الدىب. لكن تجاهلت. أنت تجاهلت
|
صدٍع الجليد وما يفعل الطقس بالطقسً.. أنت تجاهلت
|
يأس الأوزون وطيش دخان المصانع. هل تستغيث؟
|
بمن تستغيث. وشمس قميصك تعلو. وتهوي جبال الجليدً
|
وتعلو مياه البحار
|
ويعلو علي المد مد الهلاك
|
وينأى جناح الملاك
|
وتدنو رياح الدمار
|
وأنت علي قمةً الأرض تقبع
|
لا نوح يشفع
|
لا فلك ينفع
|
لا غصن زيتونة في المدار
|
وأنت علي قمة الموت تذوي
|
وتطوي القميص على محنة القطب. تطوي
|
وتهوي
|
غريبا.. حزينا.
|
أشد من الماء حزنا.
|
*
|
يشاؤك صمتك: وعدا
|
يشاؤك صوتك: رعدا
|
يشاؤك وجهك: نورا
|
يشاؤك روحك: ليلا
|
يشاؤك ورد الحديقة: طلعا
|
يشاؤك كهف الجبال: صديقا
|
يشاؤك سخط البراكين: صنوا
|
يشاؤك قلبك: سهلا
|
تشاؤك زيتونة الدهر: حلما
|
يشاؤك صخر التلال: رفيقا
|
تشاؤك سنبلة الحب: حقلا
|
يشاؤك قلب التراب: شهيدا
|
يشاؤك أهلك: عيدا
|
وماذا تشاء سوى ضجعةً الموت حرا طليقا
|
حزينا. أشد من الموت حزنا
|
أشد من الماء والموت حزنا؟
|
*
|
هناك. على سطح ليلاك قناصة معجبون بليلاك
|
لكنهم يرقبون قدومك في موعد الحب والقنص
|
(BUSINESS BEFORE PLEASURE)
|
وهم معجبون بجبهتك العاليه
|
مناظيرهم تترصٌد. حمي بنادقهم تتوعد. توق
|
أصابعهم يتنهد. في لهفة الصلية التاليه
|
وأنت تلوب عليها
|
وترفع عينيك كفي صلاة إليها
|
من الحاجز العسكري القريب
|
وينقذك الحاجز العسكري وألفاظ حراسه النابيه
|
وأغلاله القاسيه
|
من اللحظةً الداميه
|
يؤجلك الموت. لكن لموتي جديدي على موعد الحب
|
والقنص.. في فرصة ثانيه
|
وتبقي على الحاجز العسكري. سجينا حزينا
|
أشد من السجن حزنا
|
أشد من السجن والماء حزنا.
|
*
|
دع الرقم حرا طليقا. يفيض وينمو علي خانة الصفر.
|
لاتمتحن دورة الأرض من بادئ البدء. من خانة
|
الصفر. للكون أرقامه، والمدار
|
يفضل حسن الجوار
|
إذن. فاقترب من فضاء تجوب مغاليقه السفن الآهله
|
برواد لغز الوجود وأسراره الهائله
|
وبارك ملائكة الإنس والجن.. بارك
|
مدينة أشواقك الفاضله
|
وصادق تضاريس أرقامك القاحله
|
لعل شفيعا من الورد ينمو عليها
|
وحلما قديما يعود إليها
|
ضعً الرقم والحلم بين يديها
|
وغادر هواجسك الآفله؟
|
وأنت تموت وتذكر
|
كانت بلادى. وكانت قباب. وكانت قناطر
|
وكانت خيول. وكانت صبايا.. وكانت بيادر
|
تموت وتذكر
|
مرت جيوش. ومرت نعوش. وذابت نقوش
|
وغابت أواصره
|
وتذكر. تذكر. فصلا عجيبا
|
وتذكر. ليس شتاء
|
وليس ربيعا
|
ولا هو صيف
|
وليس خريفا
|
وما من شروقي. وما من غروبي
|
وما من وجوهي. وما من كلام
|
وما من ضياء، وما من ظلام
|
وتسأل: هل كان ذاك سلام الحروب؟
|
وهل تلك كانت حروب السلام؟
|
وتسأل كيف تموت وتذكر
|
طفلا عجوزا
|
وشيخا طفولته لم تغادر
|
عذاب القباب وصمت المقابر
|
وأنت علي الصبر صابر
|
وحيدا حزينا.
|
أشد من الماء حزنا.
|
*
|
مفاتيح بيتك أرهقها اللغز.. مفتاح قلبك: هل
|
يعرف الحب حقا؟ ألم يقتل الحزن حبك؟ ماذا
|
تكون كراهية المتعبين الذين أحبهم الظلم؟ ماذا
|
يكون إذن مطهر النار؟ ماذا تقول مفاتيح بيتك
|
هذا المهدد بالهدم، تحت كراهية الظالمين الذين
|
أحبهم الحب؟ كيف نحب إذن مبغضينا؟¬
|
تقول مفاتيح بيتك يصمت مفتاح قلبك: هل
|
أعرف الحب؟!
|
تبكي عذابا وخوفا: أحب المحبين حقا ولا أكره المبغضين
|
أعني إلهي! أعني علي محنة المؤمنين
|
أعني على لعنة العاشقين
|
أحب المحبين حقا. ولا أكراه المبغضين
|
أعني إلهي. أعني علي
|
وأطلق لساني. وحرر يدي
|
وحرر مفاتيح بيتي
|
ومفتاح قلبي
|
أغثني إلهي. أغثني ضعيفا. أغثني قويا
|
أغثني حزينا.
|
أشد من الماء حزنا.
|
*
|
بك استأنست نخلة الشغف العاليه
|
وزيتونه في المدى باقيه
|
ورشت عليك نساء الزمان
|
أرز الأغاني
|
وورد الخصوبة والعافية
|
وأم طموحك حشد الإرادات
|
واخضوضرت باسمك الباديه
|
فماذا عليك إذا غار رمل السراب
|
من الماء في البركة الصافيه؟
|
أتحزن؟ والشمس مصباح روحك
|
في عتمة العتمة الطاغيه
|
وشمس المسوخ شحوب ضئيل
|
تنوس شرارته الكابيه..
|
أتحزن؟ ليس لك الحزن. فاحزن
|
لأنك تحزن.. واعبر إلي الضفة الثانيه!
|
لك الآن أن تتحرر منك وتنجو منك
|
وتغرب عنك. لك الآن أن تستحم بعيدا
|
وأن تستجم بعيدا وأن تلفظ الزحمة الخانقه
|
إلى لحظة واثقه
|
علي شاطئ السخط. تجلس منحني الظل. تشرب
|
ماء المحيط بمصاصة الكوكا كولا. وتشرب ماء
|
الخليجً. وتشرب رمل الصحاري. وحيدا غريبا.. علي
|
شاطئ الخلق. إلا من الحزن والنفط والكوكا كولا!
|
تمر بك السحب الماطره
|
وترفع أنظارها عنك.. تحبس أمطارها عن بذور
|
الشياطين في أرضك الكافره
|
وتنهض فيك الزلازل. أنت هو الكهف. أهلك
|
عادوا نياما إليك. تحاصرك السرنمات. وتغفي
|
الزلازل. مقياس 'ريختر' يسقط في لحظة حائره
|
على الحد. بين خمود البراكين فيك. وبين شرايينك الثائره
|
على الحد.. مابين حزني وحزني
|
أشد من الماء حزنا..
|
وهذا قميصك رايتك المتربه
|
وغيمتك الطيبه
|
وتعرف كل المشاجب ياقة حسرته المتعبه
|
وتعرف أسراره المرعبه.
|
قميصك؟ أم جلدك الحي؟.. هذا المعلق
|
بين السماوات والأرض؟ تلك عروقك أم
|
هي خيطانه المجدبه؟
|
قميصك أم جلدك الحي؟... سيان. أدخلك الله
|
في التجربه!
|
وأدخلك الله في التجربه!
|
وطوق النجاة قريب بعيد
|
وأنت شريد طريد
|
وربطة عنقك أنشوطة المشنقه
|
وكل القضاة أدانوك. فالجأ إلي حكم
|
أفكارك المسبقه
|
ومتراس خانتك الضيقه!
|
وحيدا.. حزينا. تسافر في رحلة نادره
|
وتسقط طائرة في الهزيع الأخير من الليل
|
ركٌابها يسلمون جميعا وينجو من الموت طاقمها.. أنت وحدك
|
موتا تموت. نجوم الملائكة البيض حولك
|
مشفقة. تستغيث بها. لا ترد وتمضي إلي شأنها.
|
تتساءل في سر موتك: لكن لماذا أنا دون غيري
|
أموت؟ وتهمس أعماقك الخاسره:
|
لأنك شخص غريب علي هذه الطائره
|
ولم تعرف الطائره
|
ولم تصنع الطائره
|
وما أنت فيها ولست عليها،
|
سوي ذرة في المدى عابره..
|
لأنك شيء بلا آصره
|
بعيد.. على مقربه
|
وأدخلك الله في التجربه
|
وحيدا حزينا
|
*
|
يقول صغار الرواة: أصابتك بالعين نورية تائهه
|
وتروي الأساطير أنك أقلقت قيلولة الآلهه
|
وأغضبت حاكمك العسكري
|
وأنت صبي
|
بصرخةً حريةً تافهه
|
يقول الرواة وتروي الأساطير.. أصغ ولا تصغ.
|
كلٌ الممرات تفضي إلي البيت. والبيت يفضي إلي السجن .
|
والسجن يفضي إلي القبر. لكن نورية الباب
|
عمياء، كيف تصيبك بالعين؟ والباب ظل كما كان
|
من قبل أن تقرع الباب. ظل حجابا يجب السماء عن
|
الأرض لا. لا تصدق كلام الرواة ولا ما تقول
|
الأساطير. أنت ولدت من الحزن. في الحزن للحزن.
|
أنت ولدت لتمكث في الأرض. لكن لتمكث فيها قتيلا
|
حزينا أشد من الحزن حزنا
|
أشد من الماء حزنا..
|
أشد من الرمل حزنا
|
أشد من النخل حزنا
|
وأدخلك الله في التجربه
|
أشد من الموت حزنا
|
أشد من الحزن حزنا
|
وأدخلك الله في التجربه
|
أشد من الرمل والنخل والحزن والموت حزنا
|
بعيدا.. على مقربه
|
وأدخلك الله في التجربه
|
أشد من الماء حزنا
|
أشد من الماء حزنا
|
أشد من الماء حزنا
|
أشد من ال..............
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق