ابحث عن شاعر او قصيدة اوقصة

قصيدة : بابل ..للشاعر سميح القاسم



أنا لـم أحفـظ عـن الله كتاباأنا لـم أبنِ لقـديسٍ قبـابـا
أنا ما صليت.. ما صمت.. و مارهبت نفسي لدى الحشر عقابا
و الدم المسفوك من قافيتـيلم يراود من يَدَيْ عَدنٍ ثوابا
فهو لو ساءلتـَه عن مَطْمَـحٍما ارتضى إلا فدى النور انسكابا
******
غضبي.. غضبة جرح أنشبتفيه ذؤبانُ الخنا طفراً و نابا
و انتفاضاتي عذابٌ.. ودَّ لوردّ عن صاحبِهِ الشرقُ عذابا
و أنا أومن بالحق الذيمجدهُ يؤخذ قسراً و اغتصابا
و أنا أومن أني باعثٌفي غدي الشمسَ التي صارت ترابا
فاصبري يا لطخة العار التيخطّها الأمسُ على وجهي كتابا
و انظري النار التي في أضلعيتهزم الليل و تجتاح الضبابا
شعشعت في آسيا فاستيقظتو صحت افريقيا.. غاباً فغابا!
******
يا حمام الدوح! لا تعتب أسىًحسبنا ما أجهش الدوحُ عتابا
نحن لم نزجرْك عن بستاننالم نُحكّمْ في مغانيك الغرابا
نحن أشباهٌ و قد أوسعناغاصب الأعشاش ذلاً و اغترابا
فابكِ في الغربة عمراً ضائعاًو ارثِ عيشاً كان حلواً مُستطابا
علّ نار الشجو تُذكي نخوةًفي الأَُلى اعتادوا مع الدهر المصابا
فتهد اللحدَ عنـها جُثــثٌو يمور البعث شِيـباً و شبابا
******
يا قرى.. أطلالُها شاخصةٌتتقرّى غائباً أبكى الغيابا
يا قرىً يُؤسي ثرى أجداثهاأنّ في النسل جراحاً تتغابى
يا قرانا.. نحن لم نَسْلُ.. و لمنغدر الأرض التي صارت يبابا
خصبها يهدر في أعراقناأملاً حراً، و وحياً، و طِلابا
و الذرى تشمخ في أنفسناعزةً تحتطبُ البغي احتطابا !
******
يا بلاداً بلّلت كلَّ صدىًو صداها لم يَرِدُ إلا سرابا
يا بلادي نحن ما زلنا علىقسم الفدية شوقاً و ارتقابا
يا بلادي! قبل ميعاد الضحىموعدٌ ينضو عن النور حجابا !
******
نكبةُ التيهِ التي أوردت بنافطرقنا في الدجى باباً فبابا
عَمّقت سكِّينها في جرحناو جرت في دِمنا سُمّاً و صَابا
و تهاوينا على أنقاضنافخرابٌ ضمّ في البؤسِ خرابا
و من الأعماق.. من تُربتناهتف التاريخ.. و المجد أهابا
فإذا أيامنا مشرقةٌبدمٍ.. من لونه أعطى الترابا
و إذا روما نداءٌ جارحٌطاب يومُ النارِ يا نيرونُ طابا!
******
أيها العاجمُ من أعوادنانحن ما زلنا على العَجمْ صِلابا
فاسأل الجرح الذي عذّبناكيف ألّبنا على الجرح العذابا
نكبةُ التيه التي سّدّت بناكل أُفق ضوّأت فينا شهابا
فأفاقت من سُباتٍ أعينٌوُلِدَ الدهرُ عليهنّ و شابا
و اشرأبّت في المدى ألويةٌخفقت في الأربع الجُرد سحابا
و على وقعُ خطانا التفتتأمم أغضت هواناً و اكتئابا
و رؤانا أخصبت فاخضوضرتأعصُرٌ ناءَت على الشرق جِدابا
******
شعَفَاتُ الشمس من غاياتنافازرعي يا أمتي الليلَ حِرابا
و إذا الأسداف أهوت جُثثاًو إذا أحنى الطواغيتُ رقابا
و إذا فَجّرْتِ أنهارَ السنىو سنون الجدبِ بُدّلن خِصابا
فانشري النور على كل مدىو ابعثي أمجاده عجباً عجابا
نحن أحرى مستجيباً إن دعا :من يُفَدّي؟ و هو أحرى مستجابا !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق