بَكى مِن قَهْريَ القَهرُ
|
وأشفَقَ مِن فَمي المُرُّ
|
وَسالَ الجَمْرُ في نَفْسي
|
فأحرَقَ نَفسَهُ الجَمرُ!
|
بِكُلِّ خَلِيَّةٍ مِنّي
|
لأهلِ الجَوْرِ مَحرقَةُ ُ
|
تُزمجرُ : مِن هُنا مَرّوا.
|
وإنّي صابِرٌ دَوماً على بَلوايَ
|
لَمْ تَطرُقْ فَمي شكوايَ
|
لَو لَمْ يَستَقِلْ مِن صَبْريَ الصَّبْرُ!
|
وَلَستُ ألومُهُ أبَداً
|
فَرُبَّ خِيانَةٍ عُذرُ!
|
أَيُسلِمُ ذَقْنَ حِكمَته
|
لِكَيْ يَلهو بِها غِرُّ؟!
|
أيأمُلُ في جَنَى بَذْرٍ
|
تُرابُ حُقولِهِ صَخْرُ؟!
|
أُعيذُ الصَّبرَ أن يُبلي
|
ذُبالَةَ قَلبهِ مِثلي
|
لِلَيْلٍ مالَهُ فَجْرُ!
|
***
|
أُشاغِلُ قَسْوَةَ الآلامِ:
|
ما الضَيْرُ؟
|
سَتصحو أُمَّتي يَوماً
|
وِعُمْري دُونَ صَحْوَتِها هُوَ النَّذْرُ.
|
فتَضْحَكُ دَورةُ الأيّامِ:
|
كَمْ دَهْراً سَيْبلُغُ عِندَكَ العُمْرُ؟!
|
أَدِرْ عَيْنَيكَ..
|
هَل في مَن تَرى بَشَرُ ُ؟
|
وَهَلْ في ما تَرى بِشْرُ؟
|
بِلادُك هذِه أطمارُ شَحّاذٍ
|
تُؤلّفُها رِقاعُ ُ ما لَها حَصْرُ.
|
تَوَلَّتْ أمرَها إِبرٌ
|
تَدورُ بِكَف رقّاعٍ
|
يَدورُ بأمرِهِ الأمرُ.
|
وما من رُقعَةٍ إلاّ وَتَزعُمُ أنَّها قُطْرُ!
|
وفيها الشّعبُ مَطروحٌ على رُتَبٍ
|
بِلا سَبَبٍ
|
ومقسومُ ُ إلى شُعَب
|
لِيَضرِبَ عَمْرَها زَيدُ ُ
|
ويَضَرِبَ زَيْدَها عَمْرو.
|
مَلايين مِنَ الأصفارِ
|
يَغرَقُ وَسْطَها البَحْرُ..
|
وَحاصِلُ جَمْعِها: صِفْرُ!
|
***
|
ألوذُ بِصَدْرِ أبياتي
|
وأُطمعُها وأُطمِعُني
|
بأنَّ أَتِيَّها الآتي
|
سَيَهدِمُ ما بَنى المَكرُ
|
فَيثأرَ بائِسٌ ويَثورَ مُعْتَرُّ.
|
وَأنَّ سَماءَها لا بُدَّ أن تبكي
|
لِيَضحَكَ للثَّرى ثَغْرُ.
|
تَقولُ: اصبِرْ على المَوتى
|
إلى أن يَبدأَ الحَشْرُ.
|
فلا عِندي عَصا موسى
|
وِلا في طَوْعِيَ السِّحْرُ.
|
سَماؤكَ كُلها أطباقُ أسْمَنْتٍ
|
فلا رَعْدٌ ولا بَرقٌ ولا قَطْرُ.
|
وَأرضُك كُلُّها أطباقُ أسْفَلْتٍ
|
فلا شَجرٌ ولا ماءٌ ولا طَيرُ.
|
فَماذا يَصنَعُ الشِّعرُ؟!
|
دَعِ المَوتى
|
ولا تُشغَلْ بِهَمِّ الدَّفنِ إذ يَبدو
|
لِعَيْنكَ أنَّهُم كُثْرُ..
|
بلادُك كُلُّها قَبْرُ!
|
***
|
لَقَد كَفَّرتَ إيماني
|
فَكَفِّرْ مَرَّة يا شَعبُ عن ذَنبي
|
عَسى أن يُؤمِنَ الكُفرُ!
|
وقَد خَيَّبتَ آمالي
|
فَخَيِّبْ خَيْبَتي يَوماً
|
وقُّلْ لِلشِّعرِ ماذا يَصنَعُ الشِّعرُ:
|
أنَسألُ عَن عَصا موسى...
|
وَطَوْعُ يميِننا قَلَمٌ؟!
|
أنَطلُبُ سِحْرَ سَحّارٍ..
|
وَمِلءُ دَواتِنا حِبرُ؟!
|
زَمانُ الشِّعرِ لا يَجتازُهُ زَمَنُ ُ
|
وَسِرُّ الشِّعرِ ليسَ يُحيطُهُ سِرُّ.
|
فَرُبَّ عِبارَة عَبَرَتْ
|
وضاق بِحَمْلِها سفْرُ!
|
وَرُبَّ هُنيْهَةٍ هانَتْ
|
وفي أحشائها دَهْرُ!
|
لَدَى خَلْقِ القَصيدَة تُخلَقُ الدُنيا
|
وفي نَشْر القَصيدَة يَبدأُ النَّشْرُ!
|
سَيَنبَعُ هاهُنا حُرٌّ
|
ويَنبِضُ ها هُنا حُرٌّ
|
ويَسطَعُ ها هُنا حُرُّ.
|
وَتُشرِقُ ثُلَّةُ الأحرارِ كالأسحارِ
|
تَحفِرُ في جِدارِ اللّيْلِ بالأظفارِ
|
حَتّى يُبهَتَ الحَفْرُ.
|
فَتَطلُعُ طَلعَةُ الآفاقِ مِن أعماق بُرقُعِها
|
وَيَهتِفُ ضِحْكُ أدمُعِها:
|
سَلاماً.. أيُّها الفَجْرُ !
|
.
|
.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق