ابحث عن شاعر او قصيدة اوقصة

قصة راحة الأبدان



جَلسَ طَارقٌ وأمَامَهُ أطبَاقُ الطّعامِ الشّهيّ يأكلُ بشَراهةٍ ... رأتْهُ سلمَى فتعَجّبَتْ مِنْ طَريقَةِ أكْلِهِ فقالتْ:
لمَاذَا تأكُلُ هَكذَا يَا طارق .. ؟ إنّ هَذَا يزيدُكَ سُمنةً ويجعلُكَ بدِيناً جدّاً, وقدْ أوْصاكَ أبي بأنْ تُخفّفَ مِنَ الطّعامِ ..
طَارِق: مَا ألذّ الطّعَام .. إنّهُ شَهيٌّ يا سَلْمى .. تعَاليْ وتَذَوّقيهِ ..
دخَلَ وَالِدُهُ فرآهُ يأكُلُ بسُرعَة .. فقالَ له: مَا هَذَا يَا طارق ؟ ألمْ أقُلْ لكَ لا تُكثرُ منَ الطعامِ يَا بُنيّ .. إنّ هَذا إسْرافٌ لا يُحبّهُ الله ..

سلْمى: صدقَ أبي يَا طَارِق .. عليكَ أنْ تخفّفَ منَ الأكلِ.. قالَ تعَالى {وكُلُوا واشْربُوا ولا تُسْرِفُوا إنَّهُ لا يُحبُّ المسْرفينَ} (الأعرف:31).
لمْ يهتمّ طارقٌ بكلامِ أبيهِ وأخْتهِ وواصَلَ الأكلَ بشَراهَة وهوَ يقول: لا أسْتطيعُ يَا أبي, فَالطّعامُ لَذيذٌ ويَدْعُوني للمَزِيدِ ..
وبعْدَ يومَيْن رأتْ سلْمَى أخَاهَا يتألّم ويَتَلوّى عَلى الأرضِ ..
طارق: آآآآخ بَطنِي .. إنّهُ يُؤلمُنِي ..
رآهُ والدُهُ فأسْرعَ إليْهِ وهُوَ يقُول لهُ: ألمْ أقُلْ لكَ يا بُنيّ ؟ يجبُ عليْكَ أنْ تَعْتنيَ بِنفسِكَ جيّداً ..
وجعَلتْ والدَتُهُ تُوصيهِ وهو على فراشِ المَرَضِ وتقولُ لهُ:
إنّ اللهَ عزّ وجَلّ لم يخلُقْنَا للأكلِ فقط يَا بُنيّ .. بلْ علينَا أنْ نأكُلَ مَا يكفِينَا لأداءِ واجِبَاتِ العِبَادةِ والطّاعةِ والعَمََلِ ..
نَظرَ إليْهَا طارقٌ وقالَ: حَسناً يا أمّي .. سوفَ أخَفّفُ مِنَ الطّعامِ, وسوفَ أسْتعينُ على ذلكَ بكثرةِ الصّيامِ ..
وفي اليَوْمِ التّالي كانَ طارقٌ يجلسُ على المائِدَةِ وأمَامَهُ طعامٌ قليلٌ وهُوَ ينظرُ في ساعتهِ مُنتظراً أذانَ المغربِ وقدْ ظهرَ عليهِ أنّهُ صائمٌ .. ووالدُهُ يجلسُ أمَامَهُ ..
قالَ طارقٌ بفَرَحٍ: الحمدُ لله .. لمْ يبقَ سِوى دقائقَ ويُؤذّنُ المغرب ..
والدُهُ: نَعمْ يا بُنيّ .. ولكنْ كيفَ تشعرُ الآن ؟
طارقٌ بوجهٍ متهللٍ فرحٍ: الحمدُ لله يا أبِي .. فقدْ جَعَلْتُ حِكْمتِي الأبدِيّة قولَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مَلأ آدمِيٌّ وعاءً شراً مِنْ بطنهِ, فإنْ كانَ لا محالةَ فثُلثٌ لطعامهِ, وثُلثٌ لشرابهِ, وثُلثٌ لنفسهِ.."
ابْتسَمَ والدُهُ وقال: صدَقَ مَنْ قَال: "رَاحةُ الأبدانِ في قلّةِ الطّعامِ"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق