بانَتْ سُعادُ وَأمْسَى حَبلُها انقطَعَا، | واحتلتِ الغمرَ فالجدّينِ فالفرعا |
وأنكرتني وما كانَ الذي نكرتْ | مِنَ الحَوَادِثِ إلاّ الشّيبَ وَالصَّلَعَا |
قَدْ يَترُكُ الدّهْرُ في خَلْقَاءَ رَاسية ٍ | وَهْياً وَيُنزِلُ مِنها الأعصَمَ الصَّدَعَا |
بانَتْ وَقَد أسأرَتْ في النّفسِ حاجتَها | بعدَ ائتلافٍ، وخيرُ الودّ ما نفعا |
وَقَدْ أرَانَا طِلاباً هَمَّ صَاحِبِهِ، | لوْ أنّ شيئاً إذا ما فاتنا رجعا |
تَعْصِي الوُشَاة َ وَكَانَ الحُبُّ آوِنَة ً | مِمّا يُزَيِّنُ لِلْمَشْغُوفِ مَا صَنَعَا |
وَكَانَ شَيءٌ إلى شَيْءٍ، فَفَرّقَهُ | دَهْرٌ يَعُودُ على تَشتِيتِ مَا جَمَعَا |
وما طلابكَ شيئاً لستُ مدركهُ، | إنْ كانَ عَنكَ غُرَابُ الجهل قد وَقعَا |
تقولُ بنّي، وقد قرّبتُ مرتحلاً: | ياربّ جنّبْ أبي الأوصابَ والوجعا |
واستشفعتْ من سراة ِ الحيّ ذا شرفٍ، | فَقَدْ عَصَاها أبُوها وَالّذي شَفَعَا |
مَهْلاً بُنيّ، فَإنّ المَرْءَ يَبْعَثُهُ | هَمُّ، إذا خالَطَ الحَيْزُومَ وَالضِّلَعَا |
عليكِ مثلُ الذي صلّيتِ فاغتمضي | يوماً فإنّ لجنبِ المرءِ مضطجعا |
وَاستَخبرِي قافلَ الرّكبانِ وَانتَظرِي | أوبَ المسافرِ، إنْ ريثاً وإنْ سرعا |
كُوني كمِثْلِ التي إذْ غَابَ وَافِدُهَا | أهدتْ لهُ منْ بعيدٍ نظرة ً جزعا |
وَلا تَكُوني كَمنْ لا يَرْتَجي أوْبَة ً | لذي اغترابٍ ولا يرجو لهُ رجعا |
مَا نَظَرَتْ ذاتُ أشْفَارٍ كَنَظْرَتِهَا | حَقّاً كمَا صَدَقَ الذّئْبيُّ إذْ سَجَعَا |
إذْ نظرتْ نظرة ً ليستْ بكاذبة ٍ، | إذْ يَرْفَعُ الآلُ رَأس الكَلبِ فارْتفعَا |
وقلبتْ مقلة ً ليستْ بمقرفة ٍ، | إنْسَانَ عَيْنِ وَمُؤقاً لمْ يكُنْ قَمعَا |
قَالَتْ: أرَى رَجُلاً في كَفّهِ كَتِفٌ | أوْ يخصفُ النّعلَ لهفي أية ً صنعا |
فكَذّبُوها بمَا قالَتْ، فَصَبّحَهُمْ | ذو آلِ حسّانَ يزجي الموتَ والشِّرعا |
فاستَنزَلوا أهلَ جَوٍّ مِن مَساكِنهِم، | وَهَدّمُوا شَاخِصَ البُنْيانِ فاتّضَعَا |
وبلدة ٍ يرهبُ الجوّابُ دلجتها، | حتى تراهُ عليها يبتغي الشّيعا |
لا يَسْمَعُ المَرْءُ فِيهَا مَا يُؤنّسُهُ | باللّيلِ إبلاّ نئيمَ البومِ والضُّوعا |
كَلّفتُ مَجهولهَا نَفسِي وَشايَعَني | همّي عليها، إذا ما آلها لمعا |
بذاتِ لوثٍ عفرناة ٍ، إذا عثرتْ، | فالتَّعْسُ أدْنَى لها مِن أنْ أقولَ لَعَا |
تَلوِي بعِذقِ خِصَابٍ كُلّما خَطَرَتْ | عنْ فرجِ معوقة ٍ لمْ تتّبعْ ربعا |
تَخَالُ حَتْماً عَلَيها كُلّمَا ضَمَرَتْ | منَ الكلالِ، بأنْ تستوفي النِّسعا |
كَأنّهَا بَعْدَمَا أفْضَى النّجادُ بِهَا | بالشّيّطَيْنِ، مَهَاة ٌ تَبْتَغي ذَرَعَا |
أهوى لها ضابئٌ في الأرضِ مفتحصٌ | للّحمِ قدماً خفيُّ الشخص قد خشعا |
فظَلّ يَخدَعُها عن نَفسِ وَاحِدِها | في أرْضِ فَيْءٍ بِفعلٍ مِثلُهُ خَدَعَا |
حَانَتْ ليَفْجَعَهَا بابْنٍ وَتُطَعِمَهُ | لحماً، فقدْ أطعمتْ لحماً، وقد فجعا |
فَظَلّ يَأكُلُ مِنْها وَهيَ رَاتِعَة ٌ | حدّ النّهارِ تراعي ثيرة ً رتعا |
حتى إذا فيقة ٌ في ضرعها اجتمعتْ | جاءتْ لتُرْضعَ شِقّ النّفسِ لوْ رَضَعَا |
عَجْلاً إلى المَعهَدِ الأدنَى ففاجأهَا | أقطاعُ مسكٍ وسافتْ من دمٍ دفعا |
فَانصَرَفَتْ فَاقِداً ثَكْلَى على حَزَنٍ، | كلٌّ دهاها وكلٌّ عندها اجتمعا |
وذاكَ أنْ غفلتْ عنهُ وما شعرتْ | أنّ المنيّة َ يوماً أرسلتْ سبعا |
حتى إذا ذَرّ قَرْنُ الشّمْسِ صَبّحَهَا | ذؤالُ نبهانَ يبغي صحبهُ المتعا |
بأكلبٍ كسراعِ النَّيلِ ضاربة ٍ، | ترى منَ القدّ في أعناقها قطعا |
فتلكَ لمْ تتركْ منْ خلفها شبهاً | إلاّ الدّوَابِرَ وَالأظْلافَ وَالزَّمَعَا |
أنْضَيْتُهَا بَعْدَمَا طَالَ الهِبَابُ بها، | تَؤمّ هَوْذَة َ لا نِكْساً وَلا وَرَعَا |
يا هَوْذَ إنّكَ من قَوْمٍ ذَوِي حَسَبٍ، | لا يَفْشَلُونَ إذا مَا آنَسُوا فَزَعَا |
همُ الخَضَارِمُ إنْ غابوا وَإنْ شَهِدوا، | ولا يرونَ إلى جاراتهمْ خنعا |
قَوْمٌ بُيُوتُهُمُ أمْنٌ لِجَارِهِمُ، | يَوْماً إذا ضَمّتِ المَحْضُورَة ُ الفَزَعَا |
وهمْ إذا الحربُ أبدتْ عن نواجذها | مثلُ اللّيوثِ وسمٍّ عاتقِ نفعا |
غَيْثُ الأرَامِلِ وَالأيْتَامِ كُلّهِمُ، | لمْ تَطْلُعِ الشّمْسُ إلاّ ضرّ أو نَفَعَا |
يا هَوْذُ يا خَيرَ من يَمْشِي على قَدَمٍ، | إذا تَعَصّبَ فَوْقَ التّاجِ أوْ وَضَعَا |
لَهُ أكَالِيلُ بِاليَاقُوتِ زَيّنَهَا | صوّاغها لا ترى عيباً، ولا طبعا |
وَكُلُّ زَوْجٍ مِنَ الدّيباجِ يَلْبَسُهُ | أبو قدامة َ محبواً بذاكَ معا |
لمْ ينقضِ الشّيبُ منهُ ما يقالُ لهُ، | وَقَدْ تجَاوَزَ عَنْهُ الجَهلُ فانْقَشَعَا |
أغرُّ أبلجُ يستسقى الغمامُ بهِ، | لوْ صَارَعَ النّاسَ عن أحلامهمْ صرَعَا |
قَدْ حَمّلُوهُ فتيّ السّنّ مَا حَمَلَتْ | ساداتُهُمْ فأطاقَ الحِملَ وَاضْطلَعَا |
وجربوهُ فما زادتْ تجاربهمْ | أبَا قُدَامَة َ، إلاّ الحَزْمَ والفَنَعَا |
منْ يرَ هوذة َ أوْ يحللْ بساحتهِ، | يَكُنْ لِهَوْذَة َ فِيمَا نَابَهُ تَبَعَا |
تَلْقَى لَهُ سَادَة َ الأقْوَامِ تَابِعَة ً، | كلٌّ سَيَرْضَى بأنْ يُرْعَى لهُ تَبَعَا |
بحرَ المواهبِ للورّادِ والشَّرعا | |
يرعى إلى قولِ ساداتِ الرّجالِ إذا | أبْدَوْا لَهُ الحَزْمَ أوْ ما شاءَهُ ابتدَعَا |
وما مجاورُ هيتٍ إنْ عرضتَ لهُ | قد كانَ يسمو إلى الجرفينِ واطلعا |
يَجِيشُ طُوفانُهُ إذْ عَبّ مُحْتَفِلاً | يَكَادُ يَعْلو رُبَى الجُرْفَينِ مُطّلِعَا |
طابَتْ لهُ الرّيحُ، فامتَدّتْ غَوَارِبُهُ،
| |
يَوْماً بِأجْوَدَ مِنْهُ حِينَ تَسْألُهُ، | إذْ ضنّذ والمالِ بالإعطاءِ أو خدعا |
سائلْ تميماً بهِ أيّامَ صفقتهم، | لَمّا أتَوْهُ أسَارَى كُلّهُمْ ضَرَعَا |
وَسْطَ المُشَقَّرِ في عَيْطَاءَ مُظْلِمَة ٍ، | لا يستطيعونَ فيها ثمّ ممتنعا |
لوْ أطعموا المنّ والسّلوى مكانهمُ، | ما أبصرَ النّاسُ طعماً فيهمُ نجعا |
بظُلْمِهِمْ، بِنطاعِ المَلْكَ ضَاحية ً، | فقد حَسَوْا بعدُ من أنفاسهمْ جُرَعَا |
أصَابَهُمْ مِنْ عِقابِ المَلكِ طائِفَة ٌ، | كُلُّ تَمِيمٍ بِمَا في نَفْسِهِ جُدِعَا |
فَقالَ للمَلْكِ: سَرّحْ مِنهُمُ مائَة ً، | رِسْلاً من القَوْلِ مخْفوضاً وَما رَفَعَا |
ففكّ عنْ مائة ٍ منهمْ وثاقهمُ، | فأصبحوا كلّهمْ منْ غلّة ِ خلعا |
بهمْ تقرّبَ يومْ الفصيحِ ضاحية ً، | يرجو الإلهَ بما سدّى وما صنعا |
وَمَا أرَادَ بهَا نُعْمَى يُثَابُ بِهَا، | إنْ قالَ كلمة َ معروفٍ بها نفعا |
فلا يرونَ بذاكمْ نعمة ً سبقتْ، | إنْ قالَ قائلها حقاً بها وسعى |
لا يَرْقَعُ النّاسُ ما أوْهى وَإنْ جَهَدوا | طولَ الحياة ِ، ولا يوهونَ ما رقعا |
لَمّا يُرِدْ مِنْ جَمِيعٍ بَعْدُ فَرّقَهُ، | وَما يُرِدْ بَعدُ من ذي فُرْقة ٍ جَمَعَا |
قَد نالَ أهْلَ شَبامٍ فَضْلُ سُؤدَدِهِ | إلى المدائنِ خاضَ الموتَ وادّرعا |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق