لعالَّ فراقَ الحيَّ للبين عامدي | عشية َ قاراتِ الرحيلِ الفواردِ |
لعمرُ الغواني ما جزينَ صبابتي | بهنَّ ولا تحبيرَ نسجِ القصائدِ |
و كمِ منْ صديقٍ واصلٍ قد قطعنهُ | وَفَتّنّ مِنْ مُستَحكِمِ الدِّينِ عابدِ |
فانَّ التي يومَ الحمامة ِ قد صبا | لها قلبُ توابٍ إلى اللهِ ساجدِ |
رَأيْتُ الغَوَاني مُولِعاتٍ لِذي الهَوى َ | بحسنِ المنى وَ البخلِ عندَ المواعدِ |
لَقَدْ طالَ ما صِدْنَ القُلوبَ بأعيْنٍ | إلى قصبٍ زينْ البرى والمعاضدِ |
أتُعْذَرُ أنْ أبْدَيْتَ، بَعدَ تَجَلّدٍ، | شوا كلِ منْ حبٍّ طريفٍ وتالدِ |
وَنَطْلُبُ وُدّاً مِنْكِ لَوْ نَسْتَفِيدُهُ | لَكَانَ إلَيْنَا مِنْ أحَبّ الفَوَائِدِ |
فَلا تَجمَعي ذِكْرَ الذّنُوبِ لتَبخَلى | علينا وهجرانَ المدلَّ المباعدِ |
إذا أنتَ زرتَ الغانياتِ على العصا | تَمَنّينَ أنْ تُسْقى َ دِمَاء الأسَاوِدِ |
أعفُّ عنِ الجارِ القريبِ مزارهُ | وَأطْلُبُ أشْطَانَ الهُمُومِ الأبَاعِدِ |
لقَدْ كانَ داءٌ بالعِرَاقِ فَمَا لَقُوا | طبيباً شفى أدواءَهمْ مثلَ خالدِ |
شَفاهُمْ برِفْقٍ خالَطَ الحِلْمِ وَالتّقى | و سيرة ِ مهديٍ إلى الحقَّ قاصدِ |
فَإنّ أمِيرَ المُؤمِنِينَ حَبَاكُمُ | بمُسْتَبصِر في الدّينِ زَينِ المَساجِدِ |
وَإنّا لَنَرْجُو أنْ تُرَافِقَ رُفْقَة ً | يَكُونُونَ للفِرْدَوْسِ أوّلَ وَارِدِ |
فانَّ ابنَ عبدِ اللهِ قدْ عرفتْ لهُ | مواطنُ لا تخزيهِ عندَ المشاهدِ |
فَأبْلى أمِيرَ المُؤمِنِينَ أمَانَة ً؛ | و أبلاهُ صدقاً في الأمورِ الشدائدِ |
إذا ما أرادَ الناسُ منهُ ظلامة ً | أبى الضيمَ فاستعصى على كلَّ قائدِ |
وَكَيفَ يَرُومُ النّاسُ شَيئاً منَعتَهُ | هوى بينَ أنيابِ الليوثِ الحواردِ |
إذا جَمَعَ الأعْداءُ أمْرَ مَكِيدَة ٍ | لغدرٍ كفاكَ اللهُ كيدَ المكايدِ |
تُعِدُّ سَرَابِيلَ الحَديدِ مَعَ القَنَا، | و شعثَ النواصي كالضراءِ الطواردِ |
فُرُوعٍ وَأصْلٍ مِن بجيلَة َ في الذُّرى َ، | تَتَفّسَ مِنْ جَيّاشَة ٍ ذَاتِ عَانِدِ |
و إنْ فتنَ الشطانُ أهلَ ضلالة ٍ | لَقُوا مِنْكَ حَرْباً حَمْيُها غيرُ بارِدِ |
إذا كانَ أمْنٌ كانَ قَلبُكَ مُؤمِناً؛ | وَإنْ كانَ خوْفٌ كنتَ أحكمَ ذائِدِ |
و ما زلتَ تسمو للمكارمِ والعلا | و تعمرُ عزاً مستنيرَ المواردِ |
إذا عُدّ أيّامُ المَكارِمِ فَافْتَخِرْ | بآبَائِكَ الشُّمّ، الطّوَالِ السّوَاعِدِ |
فكمْ لكَ من بانٍ طويلٍ بناؤهُ | وَفي آلِ صَعْبٍ من خطيبٍ وَوَافِدِ |
يسركَ أيامَ المحصبِ ذكرهمْ | وَعِنْدَ مَقَامِ الهَدْيِ ذاتِ القَلائِدِ |
تمكنتَ في حيْ معدٍّ منَ الذرى | وَفي يَمَنٍ أعْلى كَرِيمِ المَوَالِدِ |
فروعٍ وأصلِ منْ بحلية َ في الذذرى | إلى ابنِ نِزَارٍ كانَ عَمّاً، وَوَالِدِ |
حميتَ ثغورَ المسلمينَ فلمْ تضعْ | ومَا زِلْتَ رَأساً قائداً وَابنَ قَائِدِ |
فإنّكَ قَدْ أُعطِيتَ نَصراً على العِدى | فأصْبَحتَ نُوراً ضَوْءُهُ غيرُ خامِدِ |
بنيتَ بناءً ما بنى الناسُ مثلهُ | يَكادُ يُسَاوى سُورُهُ بالفَرَاقِدِ |
و أعطيتَ ما أعيَ القرونَ التي مضتْ | فنحمدُ مفضالاً وليَّ المحامدِ |
فانَّ الذي أنفقتَ حزمٌ وقوة ٌ | فأبشرْ بأضعافٍ منَ الربح زائدِ |
لَقَدْ كانَ في أنْهَار دِجْلَة َ نِعْمَة ٌ | وحُظْوَة ُ جَدٍّ للخَليفَة ِ صَاعِدِ |
عطاءَ الذي أعطى الخليفة َ ملكهُ | و يكفيهِ تزفارُ النفوسِ الحواسدِ |
جرتْ لكَ أنهارٌ بيمنٍ وأسعدٍ | إلى جَنّة ٍ في صَحْصَحانِ الأجالِدِ |
ينتبنَ أعناباً ونخلاً مباركاً | وَأنْقَاءَ بُرٍّ في جُرُونِ الحَصَائِدِ |
إذا ما بعثنا رائداً يبتغي الندى | أتانا بحمدِ اللهِ أحمدُ رائدِ |
فهلْ لكَ في عانٍ وليسَ بشاكرٍ | فتُطْلِقَهُ مِنْ طُولِ عَضّ الحدائدِ |
يعود وَ كانَ الخبثُ منهُ سجية ً | وَإنْ قالَ: إنّي مُعْتِبٌ غَيرُ عَائِدِ |
نَدِمْتَ، وَمَا تُغني النّدامَة ُ بَعْدَمَا | تطَوّحْتَ مِن صَكّ البُزَاة ِ الصّوَائدِ |
وَكَيفَ نَجَاة ٌ للفَرَزْدَقِ بَعْدَمَا | ضَغَا وَهوَ في أشْداقِ أغْلَبَ حارِدِ |
ألَمْ تَرَ كَفَّيْ خَالِدٍ قَدْ أفادَتَا | على الناسِ ردفاً منْ كثيرِ الروافد |
بني مالكٍ إنَّ الفرزدقَ لمْ يزلْ | كسوباً لعارِ المخزياتِ الخوالدِ |
فلا تقبلوا ضربَ الفرزدقِ إنهُ | هوَ الزيفُ ينفي ضربهُ كلُّ ناقدِ |
و إنا وجدنا إذْ وفدنا عليكمُ | صدورَ القنا والخيلَ أنجحَ وافدِ |
ألمْ ترَ يربوعاً إذا ما ذكرتهمْ | وَأيّامَهُمْ شَدّوا مُتُونَ القَصائِدِ |
فمَنْ لكَ، إنْ عَدّدتَ، مثلَ فوَارِسي | حَوَوْا حَكَماً وَالحَضرَميَّ بنَ خالِدِ |
أسالَ لهُ النهرَ المباركَ فارتمى | بمِثْلِ الرّوَابي المُزْبِداتِ الحَوَاشِدِ |
فَزِدْ خالِداً مثلَ الذي في يَميِنهِ، | تَجِدْهُ عَنِ الإسْلامِ أكْرَمَ ذائِدِ |
كأني ولا ظلماً أخافُ لخالدٍ | منَ الخوفِ أسقى منْ سمامِ الأساودِ |
وَإنّي لأرجُو خالِداً أن يَفكّني، | و يطلقَ عنيَّ مقفلاتٍ الحدائدِ |
تكشفتِ الظلماءُ عن نورِ وجههِ | لِضَوْء شِهَابٍ ضَوْءُهُ غَيرُ خَامِدِ |
ألا تَذكُرُونَ الرِّحْمَ أوْ تُقْرِضُونَني | لكمْ خلقاً منْ واسعِ الخلقِ ماجدِ |
لكُمْ مثلُ كَفّيْ خالِدٍ حينَ يَشتري | بكل طريفٍ كلَّ حمدٍ وتالدِ |
فإنْ يَكُ قَيْدي رَدَّ هَمّي فرُبّمَا | تَنَاوَلْتُ أطْرَافَ الهُمومِ الأباعِدِ |
مِنَ الحامِلاتِ الحَمدِ لما تَكَشّفَتْ | ذلاذلها واستورأتْ للمناشدِ |
فهلْ لابنِ بلاءٍ غيرَ كلَّ عشية ٍ | و كلَّ صباحٍ زائدٍ غيرْ عائدِ |
يقولُ ليَ الحدادُ هلْ أنتَ قائمٌ | و ما أنا إلاَّ مثلُ آخرَ قاعدِ |
كأني حروري ضلهُ فوقَ كعبة ٍ | ثَلاثُونَ قَيْناً مِنْ صَرِيمٍ وَكايِدِ |
و ما إنْ بدينٍ ظاهرُ وا فوقَ ساقهِ | و قدْ علموا أنْ ليسَ ديني بنافدِ |
و يروى على الشعرَ ما أناقلتهُ | كمعترضٍ للريحِ بينَ الطرائدِ
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق