ابحث عن شاعر او قصيدة اوقصة

قصيدة : السرطان...للشاعر سميح القاسم



الســرطان
((إلى قابين و هابيل العصر اللذين
لم يصرع بعد، أحدهم الآخر !؟؟))
_1_
شواهد الرخام
تجثمُ في الطين، تغطي الشاطئَ المديد
و لم تزل سفائن العبيد
مُثقَلةً بالنارِ، بالسموم، بالحديد
تَمخرُ بحر الدمع و الصديد
و خلفها مدائن الموتى
و الصمتُ، و الخراب، و الدخان
و في مغاور المدى الدفينِ في الظلام
يَعوِي مخاضُ الرعب و القَتامْ
و السرطان يُطفئُ الشمس و يستفيق
يشبّ من شهوتِه حريق
متى تزلزل الوجود صرخة اللئام؟
إلى الأمام.. إلى الأمام !!..
_2_
من ألفِ ألفِ عام
لا يَنْشفُ السكينُ.. و الجراحُ لا تنام
حمائمُ القماش في الفضاء
مطلقة بالمعدنِ الممسوخِ.. بالرياء
و خلف بيرق السلام
تَغلي صنابيرُ الدماء
و يرجف التراب في الأعماق
و يَهْلَعُ الاسفنجُ في القيِعان
و الرعب يُقلِقُ النجوم
و السرطان يطفئُ الشمس و يستفيق
ينتظر الدم المراق
و فُضلة الجذورِ و العظام
من ألف ألف عام
_3_
مفترق الطريقِ
من أين يا قوافلَ الرقيق ؟
في أي شعْبٍ تزحفين ؟
لأي أُفْق ترحلين ؟
تمهلوا يا حاملي الصخور
تمهلوا.. مفترق الطريق
و البحر من ورائكم يموجُ
و العدو من أمامكم يموج
و الشواظ.. و الحريق
يُفَزِّع الغِلال و المروج
و الصخرُ في الأغوار
يضخمُ.. يعلو.. ينذرُ الخليج
و خلفكم، يا ضائعون، ماتت الشطآن
و لم يعد مكان
تُغرَسُ في جراحه شواهد الرخام
خلفكمو لم يبق غير البومِ و الديدانِ و الغربان
و الرّعبِ، و الأوباءِ، و الظلام
و القيظِ، و الصدى، و الازدحام
و خطوة المصير في مفترق الطريق
و السرطان !
يطفئ الشمس و يستفيق !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق