شُرَيْحُ لا تَتْرُكَنّي بَعْدَ مَا عَلِقَتْ | حِبالَكَ اليَوْمَ بَعْدَ القِدّ أظْفارِي |
قَدْ طُفْتُ ما بَينَ بَانِقْيَا إلى عَدَنٍ، | وَطالَ في العُجْمِ تَرْحالي وَتَسيارِي |
فكانَ أوْفاهُمُ عَهْداً، وَأمنَعَهُمْ | جاراً أبوكَ بعرفٍ غيرِ إنكارِ |
كالغيثِ ما استمطرهُ جادَ وابلهُ، | وعندَ ذمتّهِ المستأسدُ الضّاري |
كنْ كالسّموألِ إذْ سارَ الهمامُ له | في جحفلٍ كسوادِ اللّيلِ جرّارِ |
جارُ ابن حيّا لمنْ نالتهُ ذمتهُ | أوْفَى وَأمْنَعُ مِنْ جَارِ ابنِ عَمّارِ |
بالأبْلَقِ الفَرْدِ مِنْ تَيْمَاءَ مَنْزِلُهُ، | حصنٌ حصينٌ وجارٌ غيرُ غدّارِ |
إذْ سامَهُ خُطّتَيْ خَسْفٍ، فَقالَ له: | مهما تقلهُ، فإنّي سامعٌ حارِ |
فَقالَ: ثُكْلٌ وَغَدْرٌ أنتَ بَينَهُما، | فاخترْ وما فيهما حظٌّ لمختارِ |
فشكّ غيرَ قليلٍ، ثمّ قالَ لهُ: | اذبحْ هديَّكَ إني مانعٌ جاري |
إنّ لهُ خلقاً إنْ كنتَ قاتلهُ، | وَإنْ قَتَلْتَ كَرِيماً غَيرَ عُوّارِ |
مالاً كثيراً وعرضاً غيرَ ذي دنسٍ، | وإخوة ً مثلهُ ليسوا بأشرارِ |
جَرَوْا عَلى أدَبٍ مِنّي، بِلا نَزَقٍ، | ولا إذا شمرتْ حربٌ بأغمارِ |
وَسَوْفَ يُعقِبُنيِهِ، إنْ ظَفِرْتَ بِهِ، | ربٌّ كريمٌ وبيضٌ ذاتُ أطهارِ |
لا سرُّهنّ لدينا ضائعٌ مذقٌ، | وكاتماتٌ إذا استودعنَ أسراري |
فقالَ تقدمة ً، إذْ قامَ يقتلهُ: | أشرفْ سموألُ فانظرْ للدّمِ الجاري |
أأقتُلُ ابْنَكَ صَبْراً أوْ تَجيءُ بِهَا | طَوْعاً، فَأنْكَرَ هَذا أيَّ إنْكَارِ |
فشكّ أوداجهُ والصّدرُ في مضضٍ | عليهِ، ومنطوياً كاللّذعِ بالنّارِ |
واختارَ أدراعهُ أنْ لا يسبّ بها، | وَلمْ يكُنْ عَهْدُهُ فِيهَا بِخَتّارِ |
وَقالَ: لا أشْتَرِي عاراً بمَكْرُمَة ٍ | فاختارَ مكرمة َ الدّنيا على العارِ |
وَالصّبْرُ مِنْهُ قَدِيماً شِيمَة ٌ خُلُقٌ، | وزندهُ في الوفاءِ الثّاقبُ الواري
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق