ألمّ خَيَالٌ مِنْ قُتَيْلَة َ بَعْدَمَا | وهى حبلها منْ حبلنا فتصرّما |
فبتُّ كأنّي شاربٌ بعدَ هجعة ٍ | سُخامِيّة ً حَمْرَاءَ تُحسَبُ عَندَمَا |
إذا بزلتْ منْ دنّها فاحَ ريحها، | وَقد أُخرِجَتْ من أسَودِ الجَوْفِ أدهمَا |
لها حارسٌ ما يبرحُ الدّهرَ بيتها، | إذا ذبحتْ صلّى عليها وزمزما |
بِبابِلَ لمْ تُعْصَرْ،فجاءتْ سُلافَة ً | تُخَالِطُ قِنْدِيداً وَمِسكاً مُختَّمَا |
يَطُوفُ بهَا سَاقٍ عَلَيْنَا مُتَوَّمٌ، | خفيفٌ ذفيفٌ ما يزالُ مفدَّما |
بِكَأسٍ وَإبْريقٍ كَأنّ شَرَابَهُ، | إذا صُبّ في المِصْحَاة ِ خالَطَ بَقّمَا |
لنا جلَّسانٌ عندها وبنفسجٌ، | وَسِيسِنْبَرٌ، وَالمَرْزَجُوشُ مُنَمنَمَا |
وَآسٌ وَخيرِيٌّ، وَمَرْوٌ وَسَوْسَنٌ، | إذا كان هِنْزمْنٌ وَرُحْتُ مُخَشَّمَا |
وشاهسفرمْ والياسمينُ ونرجسٌ | يصبحنا في كلّ دجنٍ تغيما |
ومستقُ سينينٍ وونٌّ وبربطٌ | يُجَاوِبُهُ صَنْجٌ إذَا مَا تَرَنّمَا |
وَفِتْيَانُ صِدْقٍ لا ضَغائِنَ بَيْنَهُمْ، | وقدْ جعلوني فيسحاهاً مكرَّما |
فَدَعْ ذا وَلكِن رُبّ أرْضٍ مُتِيهَة ٍ | قطعتُ بحرجوجٍ، إذا اللّيلُ أظلما |
بناجية ٍ كالفحلِ فيها تجاسرٌ، | إذا الرّاكِبُ النّاجي استَقى وَتَعَمّمَا |
ترى عينها صغواءَ في جنبِ مؤقها | تُرَاقبُ في كَفّي القَطيعَ المُحرَّمَا |
كأنّي ورحلي والفتانَ ونمرقي | عَلى ظَهْرِ طَاوٍ أسْفَعِ الخَدّ أخثَمَا |
عليهِ ديابوذٌ تسريلَ تحتهُ | أرَنْدَجَ إسْكَافٍ يُخالِطُ عِظلِما |
فَبَاتَ عَذُوباً للسّماءِ كَأنَّمَا | يُوَائِمُ رَهْطاً للعزُوبَة ِ صُيَّمَا |
يَلُوذُ إلى أرْطَاة ِ حِقْفٍ تَلُفّهُ | خَرِيقُ شَمَالٍ تَترُكُ الوَجهَ أقْتَمَا |
مكبّاً على روقيهِ يحفرُ عرقها | عَلى ظَهْرِ عُرْيَانِ الطّرِيقَة ِ أهْيَمَا |
فلمّا أضاءَ الصّبحُ قام مبادرا | وحان انطلاق الشاة من حيث خيما |
فَصَبّحَهُ عِنْدَ الشرُوقِ غُدَيّة ً | كِلابُ الفتى البكرِيّ عوْفِ بن أرْقَمَا |
فأطْلَقَ عَنْ مَجْنِوبِها، فاتّبَعنَهُ | كمَا هَيّج السّامي المُعَسِّلُ خَشرَمَا |
لدنْ غدوة ً حتى أتى الّليلُ دونهُ، | وجشّمَ صبراً ورقهُ، فتجشّما |
وَأنْحَى عَلى شؤمَى يَدَيْهِ، فذادها | بأظمأ منْ فرعِ الذّؤابة ِ أسحما |
وَأنْحَى لهَا إذْ هَزّ في الصّدْرِ رَوْقَهُ | كما شكّ ذو العودِ الجرادَ المخزَّما |
فشكّ لها صفحاتها صدرُ روقهِ | كما شكّ ذو العودِ الجرادَ المنظَّما |
وأدبرَ كالشّعرى وضوحاً ونقبة ً، | يُوَاعِنُ مِنْ حَرّ الصّرِيمَة ِ مُعظَما |
فَذلِكَ، بَعدَ الجَهدِ، شَبّهتُ ناقَتي | اٍ ذا الشّاة ُ يوماً في الكناسِ تجرثما |
تؤمّ اٍياساً، اٍنّ ربّى أبى لهُ | يَدَ الدّهْرِ إلاّ عِزة ً وَتَكَرُّمَا |
نماهُ الإلهُ فوقَ كلّ قبيلة ٍ، | أباً فأباً، يَأبَى الدّنِيَّة َ أيْنَمَا |
ولم ينتكسْ يوماً فيظلمَ وجههُ | ليَرْكَبَ عَجْزاً أوْ يُضَارِعَ مأثَمَا |
وَلَوْ أنّ عزَ النّاسِ في رَأسِ صَخرَة ٍ | ململمة ٍ تعيي الأرحَّ المخدَّ ما |
لأعطاكَ ربُّ النّاسِ مفتاحَ بابها، | ولوْ لمْ يكنْ بابٌ لأعطاكَ سلّما |
فما نيلُ مصرِ اٍذْ تسامى عبابهُ، | ولا بحرُ دانقياً اٍذا راحَ مفعما |
بِأجْوَدَ مِنْهُ نَائِلاً، إنّ بَعْضَهُمْ | اٍذا سئلَ المعروفَ صدَ وجمجما |
هُوَ الوَاهِبُ الكُومَ الصّفَايا لجَارِهِ، | يشَّبهنَ دوماً،أوْنخيلاً مكمَّما |
وكلَّ كميتٍ، كالقناة ِ محالهُ، | وكلَّ طمرٍّ كالهراوة ِ أدهما |
وكلَّ مزاقٍ كالقناة ِ طمرّة ٍ، | أجردَ جيّاشَ الأجاريّ مرجما |
وَكُلَّ ذَمُولٍ كَالَنِيقِ، وَقَيْنَة ٍ | تَجُرّ إلى الحَانُوتِ بُرْداً مُسَهَّمَا |
ولمْ يدعُ ملهوفٌ منَ النّاسِ مثلهْ | ليَدْفَعَ ضَيْماً، أوْ ليَحمِلَ مَغرَمَا
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق