لِمَنْ رَسْمُ دارٍ، هَمّ أنْ يَتَغَيّرَا، | تراوحهُ الأرواحُ والقطرُ أعصرا |
و كنا عهدنا الدارَ والدارُ مرة ً | هيَ الدّارُ إذْ حَلّتْ بهَا أُمُّ يَعْمُرَا |
ذَكَرْتُ بها عَهداً على الهَجرِ وَالبِلى ، | وَلابُدّ للمَشْعُوفِ أنْ يَتَذَكّرَا |
أجنَّ الهوى ما أنسَ لا أنسَ موقفاً | عَشِيّة َ جَرْعاء الصَّرِيفِ وَمَنْظَرَا |
تَبَاعَدَ هذا الوَصْل إذْ حَلّ أهْلُها | وَقَبّحَ قَيْناً، بالفَرَزْدَقِ، أعْوَرَا |
لَياليَ تَسبي القَلْبَ مِنْ غَيرِ رِيبَة ٍ، | إذا سَفَرَتْ عن وَاضحِ اللّوْنِ أزهرَا |
أتَى دونَ هَذا الهَمّ هَمٌّ فأسْهَرَا، | أراعى نجوماً تالياتٍ وغورا |
أقُولُ لهَا مِنْ لَيْلَة ٍ لَيسَ طُولُها | كطول الليالي ليتَ صبحك نورا |
أخافُ على نَفْسِ ابنِ أحْوَزَ إذْ شَفى | وَأبلى بَلاءً، ذا حُجُولٍ، مُشَهَّرَا |
شدِيداً مِنَ الأثْآرِ خَوْلَة َ بَعْدَمَا | دعتْ ويلها واستعجلتْ أنْ تخمرا |
ألا رُبّ سامي الطرْفِ من آلِ مازِنٍ، | إذا شمرتْ عنْ ساقها الحربُ شمرا |
أتَنْسَوْنَ شدّاتِ ابنِ أحوَزَ؟ إنّهَا
| |
وَأدْرَكَ ثَأرَ المِسْمَعَينِ بِسَيْفِهِ، | وَأغضِبَ في شَأنِ الخِيَارِ فنَكَّرَا |
جَعَلْتَ، بِقَبْرٍ للخِيَارِ وَمالِكٍ، | وَقَبْرِ عَدِيٍّ في المَقَابِرِ، أقْبُرَا |
وَغَرّقْتَ حِيتانَ المُزُونِ وَقَدْ لَقُوا | تَمِيماً، وَعِزّاً ذا مَناكِبَ مِدسَرَا |
و أطفأتَ نيرانَ النفاقِ وأهلهِ | وَقَدْ حاوَلُوا في فِتْنَة ٍ أنْ تُسَعَّرَا |
فلمْ تبقِ منهمْ راية ً يرفعونها | و لمْ تبقِ منْ آلِ المهلبِ عسكرا |
فأنَّ لأنصارِ الخليفة ِ ناصراً | عزيزاً إذا طاغٍ طغى وتجبرا |
فذو العرشِ أعطانا الكرهِ والرضا | إمامَ الهُدى ذا الحِكْمَة ِ المُتَخَيَّرَا |
فأضحتْ راوسي الملك في مستقرها | لمنجبٍ منْ آلِ مروانَ أزهرا |
و إنَّ الذي أعطى الخلافة َ أهلها | أجِنَّ الهَوَى ما أنسَ مَوْقفاً |
مَنَابِرَ مُلْكٍ كُلُّهَا مُضَرِيّة ٌ، | يُصَلّي عَلَيْنَا مَنْ أعَرْناه مِنْبَرَا |
أنا ابنُ الثرى أدعو قضاعة َ ناصري | و ألِ نزارٍ ما أعزَّ وأكثرا |
عَديداً مَعَدّيّاً لَهُ ثَرْوَة ُ الحَصى ، | وَعِزّاً قُضَاعِيّاً، وَعِزّاً تَنَزّرَا |
نِزَارٌ إلى كَلْبٍ وكلبٌ إلَيْهِمُ، | أحقُّز أدنى منْ صداءٍ وحميرا |
و أيُّ معديٍّ يخافُ وقدْ رأى | جبال معدٍْ والعديدَ المجمهرا |
وَأبْنَاءُ إسْحَقَ اللّيوثُ إذا ارْتَدَوْا | محاملَ موتٍ لابسينَ السنورا |
فَيَوْماً سَرَابِيلُ الحَديدِ عَلَيْهِمُ؛ | و يوماً ترى خزاً وعصباً منيرا |
إذا افتخروا عدوا الصبهندَ منهمُ | وَكَسرَى وَآلَ الهُرْمُزَانِ وَقَيصَرَا |
ترى منهمُ مستبرصينَ على الهدى | وَذا التّاجِ يُضْحي مَرْزُباناً مُسَوَّرَا |
أغرَّ شبيهاً بافنيقِ إذا ارتدى | على القُبطرِيّ الفارِسِيّ، المُزَرَّرَا |
وَكَانَ كِتابٌ فيهِمُ وَنُبُوّة ٌ، | وَكَانُوا بإصْطَخْرَ المُلُوكَ وَتُسْتَرَا |
لَقَدْ جاهَدَ الوَضّاحُ بالحَقّ مُعلماً، | فأورثَ مجداً باقياً أهلَ بربرا |
أبُونا أبو إسحَاقَ يَجْمَعُ بَيْنَنَا | أبٌ كانَ مهدياً نبياً مطهرا |
و منا سليمانُ النبيُّ الذي دعى | فأُعْطيَ بُنْيَاناً، وَمُلْكاً مُسَخَّرَا |
وَمُوسَى وَعيسَى وَالذي خَرّ سَاجِداً | فأنْبَتَ زَرْعاً دَمْعُ عَيْنَيْهِ أخْضَرَا |
و يعقوبُ منا زادهُ اللهُ حكمة ً | و كانَ ابنُ يعقوبٍ أميناً مصوراً |
فيجمعنا والغرَّ أبناءَ سارة ٍ | أبٌ لا نبالي بعدهُ منْ تعذرا |
أبُونَا خَلِيلُ الله، وَالله رَبّنَا، | رضينا بما أعطى الالهُ وقدرا |
بني قبلة َ الله التي يهتدى بها | فأورثنا عزاً وملكاً معمرا |
لشتانَ منْ يحمى معداً منَ العدا | و منْ يسكنُ الماخورَ في منْ تمخرا |
فبؤْ بالمخازي يا فرزدقُ لمْ يبتْ | أديمكَ إلاَّ واهياً غيرَ أوفرا |
فإنّكَ لوْضُمّنْتَ مِنْ مازِنٍ دَماً، | لمَا كانَ لابنِ القَينِ أنْ يَتَخَيّرَا |
فلا تأمنُ الأعداءُ أسيافَ مازنٍ | وَلَكِنّ رَأيَ ابنَيْ قُفَيرَة َ قَصّرَا |
فأخزيتَ يا ابنَ القينِ آلَ مجاشعٍ | فأصبحَ ما تحمى مباحاً مدعثرا |
فما كانَ جيرانُ الزبيرٍ مجاشعٍ | بألأمَ منْ جيرانِ وهبٍ وأغدرا |
و قالتْ قريشٌ للحواري جاركمْ | لَلاقَى جِواراً صَافِياً غَيرَ أكْدَرَا |
تَرَاغَيْتُمُ يَوْمَ الزّبَيرِ، كأنّكُمْ | ضِبَاعُ مَغَارَاتٍ يُبَادِرْنَ أجْعُرَا |
و جعثنَ كانت خزية ً في مجاشعٍ | كما كانَ غدرٌ بالحواريَّ منكرا |
فانَّ عقالاً والحتاتَ كلاهما | تردى بثوبي غادرٍ وتأزرا |
ألَمْ تَحْبِسُوا وَهْباً تُمَنّونَهُ المنى ، | و كانَ أخا همٍّ طريداً مسيرا |
فلو أنَّ وهباً كانَ حلَّ رجالهُ | بِحَجْرٍ لَلاقَى ناصِرِينَ وَعُنصُرَا |
و لوْ حلَّ فينا عاينَ القومُ دونهُ | عوابسَ يعلكنَ الشكيم وضمرا |
إذاً لسمعتَ الخيلَ والخيلُ تدعى | رياحاً وتدعوا العاصمينَ وجعفرا |
فوارسَ لا يدعونَ يالَ مجاشعٍ | إذا كانَ ما تذْرِي السّنابكُ عِثْيَرَا |
و لو ضافَ أحياءً بحزنِ مليحة ٍ | للاقى جواراً صافياً أكدرا |
هُمُ ضَرَبُوا هَامَ المُلُوكِ وَعَجّلُوا | بوردٍ غداة َ الحوفوانِ فبكرا |
و قد جربَ الهرماسُ وقعَ سيوفنا | و صدعنَ عنْ رأسِ ابنِ كبشة َ مغفرا |
و قدْ جعلتْ يوما بطخفة َ خيلنا | لآِلِ أبي قابُوسَ، يَوْماً مُذَكَّرَا |
فَنُورِدُ يَوْمَ الرَّوْعِ خَيلاً مُغِيرَة ً، | و توردُ ناباً تحملُ الكيرَ صوأرا |
سُبِقْتَ بِأيّامِ الفِضَالِ وَلَمْ تَجِدْ | لقومكَ إلاَّ عقرَ نابكَ مفخرا |
لقيتَ القرومَ الخاطراتِ فلمْ يكنْ | نكيركَ إلاَّ أنْ تشولَ وتيعرا |
وَلاَقَيْتَ خَيراً مِنْ أبِيكَ فَوَارِساً، | و أكرمَ أياماً سحيماً وجحدرا |
همُ تركوا قيسا وعمراً كلاهما | يمجُّ نجيعاً منْ دمِ الجوفِ أحمرا |
و سارَ لبكرٍ نخبة ٌ منْ مجاشعٍ | فلما رأى شيبانَ والخيلَ كفرا |
وَفي أيّ يَوْمٍ لَمْ تُسَاقُوا غَنِيمَة ً، | و جاركم فقعٌ يحالفُ قرقرا |
لَقَد كُنتُ يا ابنَ القَينِ ذا خِبرَة ٍ بكم | و عوفٌ أبو قيسٍ بكمْ كانَ أخبرا |
فَلا تَتّقُونَ الشّر حتى يُصِيبَكُمْ، | و لا تعرفونَ الأمرَ إلاَّ تدبرا |
و عوفٌ يعافُ الضيمَ في آلِ مالك | وَكُنتمْ بني جَوْخى على المَوْتِ أصبْرَا |
تركتمْ مزاداً عندَ عوفٍ رهينة ً | فأطْعَمَهُ عَوْفٌ ضِبَاعاً وَأنْسُرَا |
أشاعتْ قريشٌ للفرزدقِ خزية ً | و تلكَ الوفودُ النازلونَ الموقرا |
عشية َ لاقى القردُ قردُ مجاشعٍ | هزبراً ابأشبلينَ في الغيلِ قسورا |
مِنَ المُحْمِياتِ الغِيلِ غيلِ خَفِيّة ٍ، | تَرَى تحتَ لَحْيَيْهِ الفرِيسَ المُعَفَّرَا |
جَزى الله لَيلى في جُبيَرٍ مَلامَة ً،
| |
إذا ذَكَرَتْ لَيلى جُبَيراً تَعَصّرَتْ، | وَلَيْسَ بشافٍ داءَها أنْ تَعَصّرَا |
ألا قبحَ اللهُ الفرزدقَ كلما | أهلَّ مصلٍّ للصلاة ِ وكبرا |
فَلا يَقْرَبَنّ المَرْوَتَينِ وَلا الصَّفَا، | وَلا مَسْجِدَ الله الحَرَامَ المُطَهَّرَا |
فإنّكَ لَوْ تُعْطي الفَرَزْدَقَ دِرْهَماً | عَلى دِينِ نَصْرَانِيّة ٍ، لَتَنَصّرَا |
و ألأمُ منسوبٍ قفاً حينَ أدبرا | |
لحَى الله مَاءً مِنْ عُرُوقٍ خَبِيثَة ٍ | سَقَتْ سَابِياءً جَاء فِيها مُخَمَّرَا |
فهلْ لكم في حنثرٍ آلَ حنثرٍ | وَلّما تُصِبْ تِلكَ الصّواعِقُ حَنثَرَا |
فانَّ ربيعاً والمشيعَ فاعلما | عَلى مَوْطِنٍ لمْ يَدْرِيَا كَيفَ قَدّرَا |
ألا رُبّ أعشَى ظالِمٍ مُتَخَمِّطٍ، | جعلتُ لعينيهْ جلاءً فأبصرا |
ألمْ أكُ ناراً يتقي الناسُ شرها | وسماً لأعداءِ العشيرة ِ ممقرا |
ألم أكُ زادَ المرملينَ ووالجاً | إذا دفعَ البابُ الغريبَ المعورا |
نُعَدّ لأيّامٍ نُعِدّ، لمِثْلِها، | فوارسَ قيسٍ دارعينَ وحسرا |
أتَنْسَوْنَ يَوْمَيْ رَحْرَحانَ كِلَيْهِما | و قد أشرعَ القومُ الوشيجَ المؤمرا |
و ما كنتَ يا بنَ القينِ تلقي جيادهمْ | وقوفاً ولا مستنكراً أنْ تعقرا |
تركتَ بوادي رحرحانَ نساءكم | و يمَ الصفا لاقيتمْ الشعبَ أوعرا |
سَمِعتمْ بَني مَجدٍ دَعَوْا يالَ عامِرٍ | فَكُنْتُمْ نَعَاماً بالحَزِيزِ مُنَفَّرَا |
و أسلتمُ لابني أسيدة ً حاجباً | وَلاقَى لَقِيطٌ حَتْفَهُ فَتَقَطّرَا |
و أسلمتِ القلحاءُ للقومِ معبداً | يُجاذِبُ مَخْمُوسا مِنَ القِدّ أسمرَا |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق